جريدة عمان
الأحد، 6 ربيع الآخر 1447 هـ ، 28 سبتمبر 2025 م
التعليـم العالـي: دعـم الباحثيـن العمانييـن وتمكيـن الابتكـار فـي سلـم
الأولويـات الوطنيـة
في إطار الجهود
المتواصلة لتعزيز منظومة البحث العلمي والابتكار في سلطنة عمان يسعى قطاع التعليم
العالي والبحث العلمي إلى معالجة التحديات التي تواجه الباحثين والمبتكرين، وتهيئة
بيئة ممكنة لتطوير واستدامة هذا القطاع الحيوي.
وفي هذا السياق أجرت «عمان» حوارًا مع الدكتور بدر بن علي الهنائي المدير العام
للمديرية العامة للبحث العلمي استعرض خلاله رؤية سلطنة عمان نحو تطوير البحث العلمي،
ودور الحكومة والمؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص في دعم الباحثين إضافة إلى أهمية
الشراكات الدولية وتوظيف التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة
في تعزيز الإنتاج العلمي، وتحقيق اقتصاد معرفي مستدام. وفيما يلي نص الحوار:
كيف تقيمون وضع البحث العلمي في سلطنة عمان اليوم مقارنةً بالعقد الماضي؟
يشهد البحث العلمي في سلطنة عمان تطورًا ملحوظًا مقارنةً بالعقد الماضي؛ حيث تشهد
سلطنة عمان نهضة شاملة في مختلف المجالات، لا سيما في مجالات البحث العلمي
والابتكار. وتولي الحكومة اهتمامًا كبيرًا بتوفير بيئة داعمة ومحفزة للباحثين
والمبتكرين؛ انطلاقًا من أسس وطنية واضحة، وتوجهات استراتيجية رصينة.
ويأتي في مقدمة هذه التوجهات النطق السامي الصادر في 23 فبراير 2021م الذي أكد أن «الاهتمام
بقطاع التعليم بمختلف أنواعه ومستوياته، وتوفير البيئة الداعمة والمحفزة للبحث
العلمي والابتكار سيكون في سلم أولوياتنا الوطنية، وسيتم تزويد هذا القطاع بكافة
وسائل التمكين باعتباره الأساس الذي يمكن من خلاله لأبناء السلطنة الإسهام في بناء
متطلبات المرحلة المقبلة».
كما ينص النظام الأساسي للدولة في الفصل الرابع، المادة (16) على أن «الدولة تكفل
حرية البحث العلمي، وتشجع مؤسساته، وترعى الباحثين والمبتكرين، وتضمن مساهمة
القطاعين الخاص والأهلي في نهضة البحث العلمي».
وتنبثق عن «رؤية عمان 2040» برامج تنفيذية واضحة بمؤشرات أداء دقيقة تركز على
التعليم والتعلم والبحث العلمي، وبناء القدرات الوطنية. ويهدف التوجه الاستراتيجي
إلى تحقيق تعليم شامل وتعلم مستدام، وبحث علمي يسهم في بناء مجتمع معرفي، وطاقات
وطنية منافسة؛ حيث يستهدف مؤشر الابتكار العالمي ضمن «رؤية عمان 2040» أن تكون
سلطنة عمان ضمن أفضل 40 دولة بحلول 2030، وأفضل 20 دولة بحلول 2040؛ لتصل عمان إلى
مصاف الدول المتقدمة عالميًا.
هل هناك مؤشرات رقمية أو تقارير حديثة توضح حجم الإنفاق على البحث العلمي في سلطنة
عمان؟
تركز سياسات البحث العلمي والابتكار في سلطنة عمان على ترجمة التوجهات الوطنية إلى
واقع ملموس من خلال إيجاد مصادر تمويل متنوعة ومستدامة للبحوث العلمية، وتعزيز
التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والبحثية ومؤسسات القطاعين الحكومي والخاص وصولًا
إلى شراكات دولية فعّالة. كما تهدف هذه السياسات إلى تشجيع القطاع الخاص على
المساهمة في تمويل الأبحاث العلمية والتقنية المتخصصة مع وضع الحوافز المناسبة
لذلك.
وبحسب أحدث البيانات؛ بلغت نسبة الإنفاق الإجمالي على البحث والتطوير (كنسبة من
الناتج المحلي الإجمالي) 0.28% في عام 2022، وارتفعت إلى 0.37% في عام 2023. وأسهمت
هذه الجهود في زيادة عدد الباحثين بدوام كامل لكل مليون نسمة من 349 باحثًا عام
2022 إلى 626 باحثًا عام 2023 وفق نتائج مسح البحث والتطوير الصادر عن المركز
الوطني للإحصاء والبيانات.
وتسعى سلطنة عمان من خلال هذه المبادرات إلى ربط مخرجات البحث العلمي بقطاعات
الإنتاج المختلفة بما يعزز التعاون بين المؤسسات، ويُسهم في تطوير الاقتصاد الوطني،
ويضع الأسس لمستقبل علمي مبتكر ومستدام.
كيف تقيّم دعم الحكومة والمؤسسات الخاصة للباحثين في سلطنة عمان؟
تبذل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار جهودًا ملموسة لدعم الأنشطة
البحثية والابتكارية من خلال عدة برامج ومبادرات وطنية.
ومن أبرز هذه البرامج:
- برنامج مشاريع البحوث الاستراتيجية: يعد أحد أهم برامج دعم وتمويل المشاريع
البحثية الوطنية؛ حيث يركز على الأولويات الوطنية في المجالات الخدمية والاقتصادية
والاجتماعية، ويعمل على توفير حلول عملية للتحديات التي تواجه القطاعات الحكومية مع
المساهمة في صياغة قرارات وطنية مبنية على أدلة علمية مستنيرة، ورفع كفاءة
الإنتاجية.
* برنامج التمويل المؤسسي المبني على الكفاءة: يُعد من أكبر برامج تمويل المقترحات
والمشاريع البحثية، ويهدف إلى دعم منظومة البحث العلمي والابتكار، وتعزيز القدرات
التنافسية للمؤسسات الأكاديمية في السلطنة من خلال تمويل المشاريع البحثية القصيرة
والمتوسطة الأجل، ويستهدف البرنامج منحًا رئيسية تشمل بحوث حملة الدكتوراة، وبحوث
طلبة الماجستير والدكتوراة، وبحوث طلبة البكالوريوس مع التركيز على الأولويات
الوطنية.
- برنامج دعم النشر العلمي: يقدم الدعم المالي للباحثين لنشر أوراقهم العلمية في
المجلات المصنفة، وأرقى الدوريات المحكمة والمفهرسة. وقد بلغ عدد الطلبات المستلمة
للحصول على الدعم 130 ورقة علمية، وتمت الموافقة على تمويل 92 ورقة خلال عام 2024.
وتُسهم هذه البرامج في تعزيز بيئة بحثية محفزة، وتمكين الباحثين من تطوير مشاريع
مبتكرة تخدم التوجهات الاستراتيجية للسلطنة، و«رؤية عمان 2040».
هل لدى سلطنة عمان شراكات بحثية فعالة مع مراكز أبحاث دولية وإقليمية؟
تمتلك سلطنة عمان شبكة واسعة من الشراكات البحثية على المستويين الإقليمي والدولي
تشمل مؤسسات مثل: اتحاد مجالس البحوث العربية، ومجلس البحوث العالمي، ومجلس العلوم
الدولي إلى جانب العديد من المؤسسات المتخصصة الأخرى.
ويعتبر مركز عمان للموارد الوراثية النباتية والحيوانية (موارد) من أبرز المراكز
البحثية الوطنية؛ حيث يسعى لأن يكون مركزًا إقليميًا للتعاون في جميع أنشطة الموارد
الوراثية الحيوانية والنباتية والكائنات الحية الدقيقة. وقد أقام المركز العديد من
الشراكات المحلية والدولية. كما أن المؤسسات البحثية في سلطنة عمان سواء الجامعات
أو المؤسسات الحكومية لديها شراكات مباشرة مع نظيراتها الدولية بما يشمل تنفيذ
مشاريع بحثية مشتركة، ونشر أوراق علمية بالتعاون معها.
وعلى صعيد تطوير القدرات البحثية تنظم الوزارة الملتقى السنوي للباحثين -وهو منصة
علمية تجمع الباحثين والمهتمين لتبادل المعرفة والخبرات-، وإبراز المشاريع البحثية
في مختلف المجالات العلمية. كما يتيح اللقاء فرصة للتفاعل مع متخذي القرار
والمسؤولين.
وتوفر الوزارة بنية أساسية متقدمة لدعم البحث العلمي أبرزها مجمع الابتكار مسقط
الذي يسعى لتوفير بيئة حاضنة للباحثين والمبتكرين ورواد الأعمال بما يسهم في تحويل
الأفكار البحثية إلى منتجات مبتكرة محلية، وتعزيز مشاركة القطاع الأكاديمي والخاص
في منظومة الابتكار والاقتصاد الوطني.
كما تُعد الشبكة العمانية للبحث العلمي والتعليم منصة اتصالات عالية السرعة تتيح
الوصول إلى خدمات متقدمة ومصادر معرفية متنوعة، وتربط المؤسسات البحثية والجامعات
بالشبكات العالمية المماثلة إلى جانب المكتبة العلمية الافتراضية العمانية (مصادر)،
وبوابة عمان البحثية الرقمية التي توفر آلاف المصادر العلمية، ودوريات بحثية،
ورسائل جامعية بما يعزز التعاون البحثي، ويواكب مستهدفات «رؤية عمان 2040».
ما أبرز توجهات الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي في سلطنة عمان للسنوات القادمة؟
تواصل سلطنة عمان تطوير منظومة البحث العلمي منذ نشأتها؛ حيث أطلقت الاستراتيجية
الوطنية الأولى للبحث العلمي (2008-2020) التي ركزت على بناء أسس واضحة لإدارة
وتوجيه البحوث والابتكارات العلمية.
ومع انتهاء فترة هذه الاستراتيجية أعدت الاستراتيجية الوطنية الثانية للبحث العلمي
والتطوير 2040، التي تتكامل مع مستهدفات «رؤية عمان 2040»؛ بهدف دعم التنويع
الاقتصادي، والمساهمة الفاعلة في الناتج المحلي الإجمالي، وتعزيز التنمية
الاقتصادية والاجتماعية الشاملة.
وترتكز الاستراتيجية الجديدة على تعزيز دور البحث العلمي والابتكار في التحول إلى
مجتمع معرفي متطور يسهم بشكل مباشر في تحقيق أهداف التنمية الشاملة لسلطنة عمان بما
يعكس الالتزام الوطني بتطوير القدرات البحثية والابتكارية وربطها باحتياجات
الاقتصاد والمجتمع.
في رأيك ما الذي يلزم لتصبح سلطنة عمان مركزًا إقليميًا رائدًا في مجال البحث
العلمي؟
تولي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار أهمية كبرى للعلاقات الدولية
والمجتمعية؛ حيث تسعى لتعزيز الشراكات بما يضمن الاستفادة القصوى منها في تطوير
الأداء الأكاديمي والبحثي داخل مؤسسات التعليم العالي. وتعمل السلطنة على مواءمة
مخرجات التعليم العالي مع متطلبات الوظائف المستقبلية التي تعتمد بشكل كبير على
مهارات الثورة الصناعية الرابعة، مثل تقنية النانو، وتحليل البيانات الضخمة، وغيرها
من التقنيات الحديثة.
كما تسعى الوزارة إلى تعزيز التعاون بين مؤسسات التعليم العالي والقطاع الصناعي
محليًا ودوليًا من خلال توقيع اتفاقيات شراكة ما يتيح للطلبة فرص التدريب العملي،
ويضمن توافق البرامج الأكاديمية مع مهارات وكفاءات الخريجين المطلوبة في سوق العمل،
وهو ما يشكل حجر الزاوية لجعل السلطنة مركزًا إقليميًا متميزًا في البحث العلمي.
ما أبرز التحديات التي تواجه الباحثين في الوصول إلى قواعد البيانات العالمية
والمصادر العلمية؟
نجحت الشبكة العمانية للبحث العلمي والتعليم في ربط أكثر من 90% من المؤسسات
الأكاديمية بالمصادر المعرفية محليًا وعالميًا عبر شبكة اتصالات عالية السرعة متصلة
بالشبكات العالمية مثل إيدوجين، وشبكة الإنترنت2 الأمريكية، والشبكة الأوروبية
جاينت، وقريبًا شبكة آسيا والمحيط الهادي.
وتوفر الشبكة خدمات معلوماتية متقدمة تشمل الهوية المعرفية، والتجوال التعليمي،
والاجتماعات المرئية، وشهادات أمن المواقع الإلكترونية ما أسهم في خفض تكاليف
الاتصالات لقطاع البحث العلمي والتعليم بنسبة تزيد عن 85%. كما تمنح المكتبة
العلمية الافتراضية العمانية (مصادر) الباحثين إمكانية الوصول لملايين المصادر عبر
قواعد بيانات عالمية، ومنصات رقمية متنوعة إضافة إلى تطبيق الهواتف الذكية الخاص
بها، ما يجعل الوصول إلى المصادر العلمية العالمية متاحًا بسهولة، ولا يشكل تحديًا
رئيسيًا. وتواصل الشبكة تطوير خدماتها، وإضافة منصات جديدة؛ لتعزيز جودة البحث
العلمي في السلطنة.
كيف يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة في تعزيز البحث العلمي في
سلطنة عُمان؟
يوفر الذكاء الاصطناعي أدوات متقدمة تسهم بشكل مباشر في دعم الأنشطة البحثية
والابتكارية سواء في تمويل المشاريع البحثية المتخصصة، أو في تحليل البيانات الضخمة
بسرعة ودقة عالية. فمع توافر ملايين المصادر العلمية يصبح من الصعب على الباحثين
الاعتماد على الأدوات التقليدية للوصول إلى المعلومات وتحليلها واستنتاج النتائج،
وهو ما يعزز دور الذكاء الاصطناعي في تسهيل هذه العمليات بشكل فعال مع الالتزام
بالضوابط الأخلاقية المنظمة لاستخداماته.
كما يتيح الذكاء الاصطناعي أدوات مهمة للكشف عن حالات الانتحال والسرقات العلمية،
ومعالجة التحديات البحثية المعقدة ما يجعل فرص الاستفادة منه في سلطنة عمان كبيرة
موازية للتجارب العالمية في هذا المجال، ويشكل إضافة نوعية لتطوير منظومة البحث
العلمي والابتكار الوطني.

المرسوم وفقًا لآخر تعديل - مرسوم سلطاني رقم 67
لسنة 2000 في شأن بعض الأحكام الخاصة بمؤسسات التعليم العالي
اللائحة وفقًا لآخر تعديل - قرار وزارة التعليم العالي رقم 8 لسنة 2003 بإصدار
اللائحة التنفيذية لقانون البعثات والمنح والإعانات الدراسية الصادر بالمرسوم
السلطاني رقم 83 لسنة 2002