عمان -
الثلاثاء ٢٦ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ ربيع الأول ١٤٤٧هـ
مواطنون يحذرون من خطورة انتشار المعلومات المضللة على وسائل التواصل
تبرز المعلومات المضللة
أحد التحديات الأمنية في الوقت الحاضر، لما تحمله من تهديدات حقيقية على منظومة
القيم الاجتماعية وأمن واستقرار المجتمعات، حيث أصبحت تُستخدم كأداة لخدمة أهداف
مشبوهة، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، الأمر الذي يستدعي
التعامل معها بمسؤولية مشتركة تتطلب وعيًا عاليًا لدى جميع شرائح المجتمع.
وحذّر مواطنون من خطورة انتشار المعلومات المضللة في كافة وسائل التواصل الاجتماعي،
مشيرين إلى نتائجها الوخيمة التي قد تُدمّر الكثير من القيم والعادات والتقاليد.
وقال إدريس الفليتي: تتمثل أبرز التأثيرات السلبية للمعلومات المضللة على المجتمع
والأمن الفكري في تفكك النسيج الاجتماعي وانتشار الكراهية، وزعزعة الثقة في
المؤسسات الرسمية، إلى جانب ترويج أفكار متطرفة أو مغلوطة تضر بالأمن الفكري،
وإثارة الفتن والنزاعات القائمة على معلومات غير صحيحة. كما أن للمعلومات المضللة
تأثيرًا على ثقة الجمهور بالمؤسسات من حيث إنها تقلل من مصداقية الإعلام الرسمي،
وتضعف ثقة الجمهور في القرارات الحكومية والسياسات العامة، وتؤدي إلى تفضيل الجمهور
لمصادر غير موثوقة بسبب فقدان الثقة.
وبيّن أن هناك فئات أكثر عرضة لتصديق المعلومات المضللة، منها كبار السن بسبب قلة
الخبرة التقنية وضعف التحقق من المصادر، إضافة إلى فئة المراهقين، وذلك بسبب ميلهم
للموضوعات المثيرة وسرعة التفاعل مع المحتوى، مشيرًا إلى أن تقنيات الذكاء
الاصطناعي سوف تساهم في زيادة انتشار المعلومات المضللة وستصبح أكثر تعقيدًا بسبب
تقنيات التزييف العميق والمحتوى الآلي المقنع، كما ستكبر الحاجة إلى أدوات تحقق
متطورة ومتابعة قانونية وتشريعية قوية.
وافقه في الرأي شهاب الفارسي، حيث نصح المستخدمين لبرامج التواصل الاجتماعي بعدم
تصديق كل المعلومات المنشورة إلا بعد التأكد من مصداقيتها والتحقق من المصدر دائمًا،
وعدم مشاركة أي محتوى قبل التأكد من صحته، إضافة إلى متابعة منصات موثقة ورسمية.
موضحًا أن سرعة الانتشار وعدم وضوح المصادر، بالإضافة إلى التشابه بين الأخبار
الحقيقية والكاذبة، تجعل من السهل تصديقها حتى من أصحاب الخبرة الذين قد يقعون في
فخ نقل الشائعات من دون قصد، ما يضعف الثقة في جميع المجالات ويؤثر على الاستقرار
العام، ويؤدي إلى الغلط في العديد من المواضع المهمة.
أما اليمامة المعمرية فأوضحت في حديثها أن التأثير السلبي لا يتوقف عند الجانب
المعلوماتي ونشر الأخبار فقط، بل قد يمتد إلى التأثير النفسي والاجتماعي، حيث تُسبب
الشائعات حالة من الذعر والإرباك، وقد تؤدي إلى نزاعات وانقسامات داخل المجتمع
وزعزعة الأمن والأمان. مشيرة إلى أن الإعلام والمؤسسات التعليمية لها دور فعّال
وكبير في تعزيز ثقافة التحقق من الأخبار، إضافة إلى مسؤولية الأفراد في التروي وعدم
تداول أي معلومة قبل التأكد من مصدرها، والتحقق الموزون لمضمونها من أجل مصالح
الجميع.
وتؤكد زينب البلوشية أن برامج التواصل الاجتماعي أصبحت تضجّ يوميًا بفيض من الأخبار
والمعلومات والأجندات التي تُنشر بشكل لحظي وسريع في وقت قياسي وبضغطة زر، ما يجعل
المستخدمين في مواجهة دائمة مع كم هائل من البيانات التي يصعب أحيانًا تمييز الصحيح
منها عن الزائف، مما قد يفرض تحديات كبيرة على مصداقية الأخبار، وأدى إلى تفاقم
ظاهرة انتشار الشائعات والأخبار الكاذبة التي تهدد السلم الاجتماعي وتثير القلق في
صفوف الجمهور. ودعت إلى أهمية التصدي لمثل هذه الظاهرة ومعاقبة مروّجي الشائعات من
أجل الحفاظ على قوة المجتمع وتماسكه.
وقال العقيد عبدالله بن علي الكلباني، مساعد مدير عام التحريات والبحث الجنائي: إن
انتشار المعلومات والبيانات المضللة عبر شبكة الإنترنت أصبح واقعًا لا يمكن إنكاره،
خاصة مع التوسع الكبير في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من قِبل شرائح كبيرة من
المستخدمين بمختلف فئاتهم العمرية، مما يشكل تحديًا أمنيًا في كيفية رصد هذه
المعلومات والتعامل معها، سواء من خلال تصحيحها أو نفيها. وإن انتشار المعلومات
المضللة يُعد من أخطر التحديات الأمنية الحالية، خصوصًا تلك الصادرة من الخارج، فهي
تسبب مخاطر عديدة مثل التأثير على الاستقرار السياسي، والإساءة بحق الأفراد أو
المؤسسات، والتحريض على سلوكيات إجرامية.
وأشار العقيد عبدالله الكلباني إلى أن الشائعات والأخبار الكاذبة المرتبطة بالجرائم
تعد من أكثر أنواع المعلومات المضللة التي يتم التعامل معها بصفة متكررة، حيث تقوم
بعض الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي بنشر تفاصيل غير دقيقة بهدف إثارة الرأي
العام، كجرائم القتل والانتحار، أو نشر إشاعات حول وجود عصابات منظمة تقوم بالسطو
على المنازل. مؤكدًا أن الجهات الأمنية ترصد هذا النوع من المعلومات بشكل مستمر،
ويتم التعامل معها عبر اتخاذ الإجراءات القانونية بحق من يثبت تورطه في نشرها.
موضحًا أن المعلومات المضللة والشائعات لها تداعيات خطرة على الأمن المجتمعي، حيث
من الممكن أن تثير الفوضى بين أفراد المجتمع، الأمر الذي يستوجب تدخلًا سريعًا
ومباشرًا للتصدي لهذه المعلومات وتوضيحها للجمهور، كما تؤثر المعلومات الزائفة على
مستوى المؤسسات، مما يفتح المجال لتشويه سمعة المؤسسة وعدم الامتثال للقوانين إن لم
يتم توضيحها واتخاذ الإجراءات القانونية بحق ناشري الشائعات أو المعلومات الزائفة.
وقال: قد نص قانون الجزاء العُماني على العقوبة بالسجن والغرامة المالية لكل من
أقدم بأي وسيلة على نشر خبر ارتكاب جريمة لم تُرتكب فعلا، وهو يعلم أنها لم تُرتكب،
أو حرّض أو أذاع أو نشر عمدًا في الداخل أو الخارج أخبارًا أو بيانات أو إشاعات
كاذبة أو مغرضة أو بث دعايات مثيرة، وكان من شأن ذلك النيل من هيبة الدولة أو إضعاف
الثقة في أسواقها المالية أو مكانتها الاقتصادية والمالية.
كما نص قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات على العقوبة بالسجن والغرامة المالية
لكل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات في إنتاج أو نشر أو
توزيع أو حيازة كل ما من شأنه أو ينطوي على المساس بالقيم الدينية أو النظام العام.
وختم العقيد مساعد مدئر عام التحريات والبحث الجنائي
حديثه قائلًا: ينبغي عند تلقي أية معلومة عبر الإنترنت عدم مشاركتها قبل التأكد من
صحتها؛ فمشاركة معلومات زائفة قد تُعرض الشخص للمساءلة القانونية، وقد تسبب ضررًا
لا يمكن إصلاحه. وتبقى المسؤولية الفردية ركيزة أساسية في مكافحة المعلومات المضللة،
فكل فرد في المجتمع هو خط الدفاع الأول ضد هذا الخطر الخفي، لذلك من المهم أن
نُحكّم العقل وألا نكون أدوات لنشر الشائعات؛ فالمعلومة مسؤولية، والكلمة أمانة،
وما نشاركه اليوم قد تكون له تبعات يصعب تداركها غدًا.

مرسوم سلطاني رقم 12/ 2011 بإصدار قانون مكافحة
جرائم تقنية المعلومات
مرسوم سلطاني رقم 5/2015 بالتصديق على الاتفاقية
العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات